نعم، تربية الاطفال بالضرب يأتي بنتائج إيجابية يريدها الكثير من الآباء والأمهات اليوم، وأبرزها “الترويض والطاعة” وللأسف عندما يحققون رغباتهم هذه بأساليب القسوة والضرب يتضح لهم أنها أساليب جيدة وتجدي نفعًا وتُخضع أطفالهم. لكنهم نسوا أو لا يعلمون بأن سهولة اليوم ستصنع لهم صعوبة عظيمة في الغد، وراحة اليوم ستشكل لهم عناء كبير في الغد. هيا لنسافر معًا إلى رحلة في المستقبل ونتعرف على ما سنواجهه غدًا نِتاج استخدام أساليب الضرب في التربية:
نتائج تربية الاطفال بالضرب
الثقة وتقدير الذات
باستخدامك لأسلوب الضرب مع أطفالك أنت تهز ثقتهم بأنفسهم بنسبة كبيرة جداً، حيث أن كثير من الآباء والأمهات اليوم يُعانون من ضعف ثقة أطفالهم بأنفسهم وتقديرهم لذواتهم، ولو عدنا لماضي تعاملهم مع هؤلاء الأطفال سنجد أنهم هم من صنعوا ذلك الضعف لديهم، وأن هذا الضعف هو انعكاس لأساليبهم السابقة -وإن لم يكن الحالية أيضًا- معهم. إن تربية الاطفال بالضرب تهدم ثقتهم بأنفسهم فورًا، بل ويُعسّر إعادة بناؤها وترميمها أكثر فأكثر مع الوقت إن استمرت تلك الأساليب القاسية.
الخوف والعزلة
يبدأون مع مرور الوقت ومع استمرار الوالدين في تربية الاطفال بالضرب وفي استخدام أساليب القسوة بالانعزال رويداً رويداً والانغلاق على نفسه، ويصبح يخاف دائمًا من كثير من الأمور بسبب افتقاده للشعور بالطمأنينة والأمان، وخاصةً إذا كان الوالدين يصحبون الضرب بالصراخ، فهذه تكون كارثة أكبر وتُسرّع العزلة لديه. وكنتيجة نهائية يُصبح الطفل يفزع ويخاف من والديه، ويصبحان بالنسبةِ له مصدر خوف وقلق، ويُصبح يخاف كثيرًا من أغلب الأصوات المرتفعة حتى وإن لم تكون مقصودة التوجيه له.
تضارب القيم
جميعنا يعلم أن الطفل -وخاصةً في أولى سنوات حياته- يتعلم مما يراه لا مما يسمعه، فإن كنا نستخدم أساليب كالضرب تُخالف ما نزرعه ونُكرره عليه من قيم، سيتشتت، وتتضارب القيم لديه، وقد -دون وعي- ينجر إلى الاتجاه الأسوء من هذا التعاكس، وهو تطبيق ما يراه بعينه وممارسته على من هم أضعف منه وأصغر منه -كإخوته- .
قد تُفيدك قراءة: كيف يمكننا أن نغرس ونعزز القيم الأخلاقية للأطفال؟
الكارثة الأخطر
إذا نظرت إلى ابنك بعد 10 سنوات من الآن في حال استخدمت أساليب القسوة والضرب معه اليوم، كيف ستكون علاقتك به؟ فكّر بهذا السؤال جيداً ! النتيجة على الأرجح ستكون أن العلاقة سيئة، ومشاعر الكره، والحقد، والبغض، ممتلئة بينكم، وخاصةً منه تجاهك، وبالتالي خسرت ابنك، وخسارة ابنك = دخوله في منطقة خطرة يبعد عنك بها، وليس له سند خلفه يحميه ويُعلّمه ويُوجهّه بها.
تعديل السلوك دون ضرب الأطفال
يُمكننا استبدال أسلوب تربية الاطفال بالضرب المؤذي والسيء ببعض الطرق والوسائل الأخرى التي قد تساهم وتساعد في تعديل السلوك والتعامل معهم:
غض الطرف عن ما هو غير متكرر
كثير من سلوكيات أطفالنا التي لا تُعجبنا هي إما سلوكيات غير مقصودة بوعي من الأطفال، أو هي بهدف لفت الانتباه، لذلك إن كانت غير مقصودة أو غير متكررة فلا داعي للتركيز عليها والنقد واللوم عليها أو حتى ضرب الاطفال عليها، لأنها هي غير متكررة ولا يوجد منها ضرر، فلا داعي للمثالية.
إظهار عدم القبول واستنكار السلوك
هل تعلم أن كثير من الأطفال قد يعدلون سلوكياتهم أو يعدلون أخطائهم من تلقاء أنفسهم عندما يشعرون أو يرون أننا نحن “والديهم” غير راضيين، وحزينين على ذلك؟ فمن ضمن أهم الأساليب الجميلة والمجدية هي أن نظهر للأطفال أننا منزعجون من ما يفعلونه من سلوكيات وقد -بتوازن- نهملهم بشكل خفيف بغرض أن يفهموا بأننا فعلًا حزينون ومنزعجون من ذلك.
ولكن هنا يجب أن تعلم أن الطريقة لن تعمل من أول مرة، فالطفل كان مبرمجًا على نمط محدد سابقًا، تعديل البرمجة السابقة تحتاج إلى وقت وجهد وصبر وتوازن.
العتاب الفردي الرقيق
بدلاً من تربية الاطفال بالضرب، قد نعاتبهم عندما يخطئون عتاب رقيق وغير قاسي وغير مؤلم، ولكن احذر ثم احذر من عتابهم ولومهم أو نقدهم أمام الآخرين، فهذه كارثة تزرعها في شخصية الطفل، بل اجعل ذلك العتاب الرقيق بينك وبينه على انفراد حفاظًا على مشاعره.
توضيح العواقب الناتجة عن السلوك
مثل أن نقول له “إذا مددت يدك على أختك ستُمنع من حقك في اللعب على الهاتف لمدة يوم”، يجب أن تكون العاقبة واضحة ومحددة ومفهومة، وإذا خالف ذلك أسقط العاقبة بحزم ورقة.
الحرمان من الامتيازات “باتزان وحكمة”
مثل الحرمان من التفسح واللعب خارج المنزل مع الأصدقاء، ولكن احذر من أن يكون ذلك الحرمان دائم ومتكرر، بل يجب أن يكون باتزان وحكمة.
عدم تلبية بعض رغباته أو طلباته
في كثير من الأحيان يكون للطفل طلب أو رغبة معينة تجاه أمر ما، كاقتناء لعبة جديدة، يُمكننا عدم تلبية بعض الرغبات باتزان وحكمة بعيدًا عن الحرمان المفرط.
إعطائه أعمال إضافية
لدى أغلب الأطفال واجبات أو مسؤوليات محددة في المنزل، مثل ترتيب غرفة المعيشة، أو غسل الأطباق في المطبخ، أو غيرها، قد نُعطيه عملًا إضافيًا فوق تلك الواجبات الأساسية له.
شرح الخطأ بلوم غير مباشر
يُمكننا أن نشرح ونوضح الخطأ الذي قام به الطفل له مع لومٍ غير مباشر دون الافراط في ذلك.
جعله يُعدل خطأه
إذا كسر طبقًا مثلاً، نجعله يرفع وينظف قطع الزجاج التي سقطت، وهكذا. وتعديل الخطأ إن اعتاد عليه الطفل منذ صغره فسنكون زرعنا بذرة رائعة في شخصيته.
بناء نموذج وقدوة حية وهادفة أمامه
وصلنا إلى شبه أهم عنصر في الموضوع كاملاً، هل تتوقع أن يتجنب طفلك رفع صوته على أخيه بينما يراك دائمًا تصرخ عليه؟ أو تصرخ على والدته؟
استحالة، فكما ذكرنا في بداية المقال، الطفل -خاصةً في سنواته الأولى- يتعلم مما يراه لا مما يسمعه، فإن كنت تشرح له وتتحدث معه من الآن إلى غدًا عن البر، والإحسان، وأنت يراك تعصِ والديك، ولا تحسن إلى زوجتك وإخوته، فإنك تضيع وقتك وجهدك إلى ما لا طائل من ورائه.
أكمل القراءة حول: التحكم بالغضب مع الاطفال.. 5 أسرار ستُنهي معاناتك !!
خاتمة
وفي الختام، تربية الاطفال بالضرب أصبح أسلوبًا سيئًا، ومدمرًا لطفلك، ولعلاقتك معه. علاقتك مع ابنك أهم من رغباتك في تنفيذه لأوامرك أو إطاعته لك، فإن كانت علاقتك قوية معه، ويحبك حب المعجب بسبب تعاملك ورقيك وأخلاقك معه، فلن يطاوعه قلبه أن يعقك، أو يرفض طلبًا لك، لكن العكس عليك أن تفكر به.
معاً نحو #بناء_أجيال_المستقبل 🎯
المصدر: فلذاتنا