قبل أن نذكر اسرار تربية القادة يجب أن تعلم وتتذكر بأن هذا يجب أن يكون مشروعًا تعيش لأجله، وأن هذه هي رحلة لصناعة القائد ذاك “طفلك”، وأنه ليس هدف تصل إليه وتنتهي منه. لذلك، يجب أن يكون تركيزك، وقتك، جهدك، تفكيرك، واهتمامك الأكبر بحياتك هو في هذا المشروع وكيف تُنجّحه.
في هذا المقال المميز جدًا، سنكشف لكم اسرار تربية القادة النافعين لأمتنا الإسلامية بمشيئة الله تعالى.
تنويه: غالبية المعلومات التي تم ذكرها في هذا المقال هي من حلقة بودكاست المقهى الصوتي مع الشيخ أحمد السيد.
الوقاية من ما يُدمّر بناءك
قبل أن نبدأ باكتشاف اسرار تربية القادة، علينا أن نذكرك بأنه يوجد أفعال وأساليب نتعامل بها مع أطفالنا وهي مدمرة بذاتها، وهذه المدمرات تُدمّر علاقتنا معهم وقد تُدمّر شخصيتهم أيضًا، فكيف سنُنشئ قائدًا لا يمتلك شخصية قوية؟ لذلك عليك تجنب المدمرات التالية تمامًا:
أساليب النقد واللوم والتهديد
إن النقد واللوم يشكل ضعفًا كبيرًا في ثقة الطفل بنفسه، بينما التهديد السلبي المستمر -مثل: إن لم تفعل هكذا، سأفعل هكذا- يشكل لديه أسس الخوف والقلق بمستويات مرتفعة، وهذا قد يشكل نقطة ضعف كبيرة في إحدى جوانب شخصيته، وحينها جهدك وتعبك الذي بذلته في صناعة القائد، سيضيع بسبب بعض الأساليب السيئة والخاطئة.
أساليب الصراخ والضرب القاسي
نحن لا نبحث عن المثالية في التربية بالطبع، وجميعنا يعلم أن تربية الاطفال بالضرب والصراخ وسيلة جيدة للحصول على نتائج فورية ومباشرة، مثل أن يُنفذ الطفل أوامرنا، أو يتجنب ما لا نرغبه بشكل فوري. ولكن الكارثة هنا هو أن ما لا يعرفه الكثير من المربون هو أن الصراخ والضرب يبني شرخًا كبيرًا في نفسية الطفل مع مرور الوقت، وآثار ذلك ستظهر في حياته المستقبلية إن لم يتم إصلاح ما تم هدمه في شخصيته.
ننصحك بقراءة هذه المقالة للتعمق في هذا الموضوع: ضرب الاطفال.. ما هو آثره الإيجابي؟ وهل يستحق؟
النصح المفرط وعدم الاستماع لهم
لننظر إلى الأمر بواقعية ومنطقية هنا، وسأضرب لك مثالاً لأوضح لك الفكرة ونفهمها سويًا. لنقل أنني أجلس معك الآن جلسة صديق، وبينما أنت متحمسًا ومتلهفًا لرواية حدث ما مريت به بالأمس، لا أُبدي أية اهتمام لما تقوله بشكل مباشر، وأستمر في مقاطعتك، أو أُحاول أن أُظهر لك أنني حكيمًا أو خبيرًا وأنصحك، كيف سيكون شعورك وقتها؟
بالطبع سيء جدًا، كذلك الأمر للأطفال وأكثر، فالطفل عندما يروي لك حدثًا هو لا يبحث عن نصيحتك، ولا عن حكمتك، بل هو يبحث عن الاهتمام الحقيقي، والاستماع الفعال. لذلك، مع الطفل عليك أن تعكس مقولة “لكي تأخذ عليك أن تُعطي أولاً”، حيث أنه يجب أن تأخذ منه وتسمع باهتمام وحب أولاً، وثم تنصحه نصحًا خفيفًا محببًا وإيجابيًا لكي يتقبله منك انعكاسًا لاهتمامك به واستماعك له.
أساليب المقارنة أو التمييز والتفرقة
وصلنا إلى آخر مدمر في مقالنا اليوم، وثم ننتقل بعدها إلى اكتشاف اسرار تربية القادة الحقيقية. ألا وهو المقارنة، أو التمييز، أو التفرقة بين الأطفال، وخاصةً الإخوة.
هنا لن أُطيل عليك كثيرًا، فقط جملتين ستُعبّر بقوة عن الفقرة بشكلٍ كامل:
- هل تريد صناعة قائد يشعر بنقصٍ أو بضعفٍ في الثقة؟ قارنه بأقرانه أو بإخوته.
- هل تريد صناعة قائد يشعر بغيرة أو حسد أو حقد؟ ميّز وفرق بينه وبين إخوته، وفضّلهم عليه.
اسرار تربية القادة
اسرار تربية القادة قد تكون كثيرة، وقد تختلف من خبرات وتجارب شخص لآخر، ومن جانب لآخر، ولكن اسرار تربية القادة التي سنذكرها اليوم هي اسرار عميقة وهامة جدًا، وأعتقد أنك قد تكون أول مرة تسمع بها أو ببعضها على أقل تقدير:
الوعي بالبيئات الفاسدة
إن لم أُبالغ، فإن هذا العامل والسر هو الأعلى أهمية وأولوية بالنسبة لك كشخص يبحث عن اسرار تربية القادة، حيث أنه إن لم يكن لديك الوعي حيال هذا العامل، فإن كل ما ستبذله من جهد لصناعة القائد سيذهب عبثاً. لذلك، يجب أن تمتلك الوعي الكافي بجميع أصدقاء السوء والبيئات التي قد تحرف، أو تُضيّع من ابنك الجهد الذي تبذله فيه. وواحدة من أبرز تلك البيئات الخطيرة جدًا هي بيئة أصدقاء السوء والطلاب السيئين في المدارس. وثم يجب عليك حماية وتحصين ابنك من تلك البيئات الفاسدة، وخاصةً بيئة المدرسة.
التربية على العزة والكرامة
وكذلك من ضمن أهم اسرار تربية القادة هي تربية أبنائك على العزة والكرامة بشكل صحيح، ومن أجل أن تُربي ابنك على العزة أنت أول شخص يجب عليك أن لا تُهينه، نعم أدّبه، ولكن احذر من إهانته، سواءً لفظيًا، أو جسديًا، وخاصةً أمام الآخرين. ويجب عليك قصقصة أجنحة الكِبر التي لديه، لأن العزة قد تولد الكِبر، فتُعلّمه العزة مع تواضع بتوازن. ويجب أن يتعلّم بأن لا يكون ذليلاً لأحد إلا لله سبحانه وتعالى فقط.
اختيار معلمًا له
أثناء سيرك في هذه الرحلة العظيم لصناعة القائد، يجب أن تعلم بأنه لا يوجد قيادة حقيقية بلا فقه في الدين. لذلك، إن لم تكن أنت المعلم أو المربي الذي يقضي معه الوقت الحقيقي ويعلمه دينه، فاختر له مربيًا أو معلمًا يعلمه دينه، وإن لم تستطع أن يكون ذلك المعلم على أرض الوقع فاجعله إلكترونيًا، ولكن المهم أن يكون ذلك المعلم موجودًا في حياته منذ الصغر.
التربية على الوعي
ووصلنا إلى آخر سر من اسرار تربية القادة اليوم، وكذلك هو يعد من أولى وأهم بذور صناعة القائد المؤثر. ألا وهي البدء ببناء الوعي العالي لدى طفلك منذ صغره. ربِّ طفلك على الوعي مبكرًا، وخاصةً بمشكلات الأمة الإسلامية، ولا تجعله يعتمد على الإعلام الرسمي فقط، اجعله يعتمد على الوعي السليم بأن تُعلّمه أنت، مثل أحداث إخوتنا في السودان وفلسطين، تقول بوضوح له أن الذي حدث في غزة كذا وكذا، والذي يحدث في السودان كذا وكذا، وبدعم هذا وذاك، وسمِّ الأمور بمسمياتها. فيَعي مبكرًا من هو العدو، ومن هو المنافق، ومن هو الصديق، ومن هو الصادق.
قد تُفيدك قراءة: أفضل طرق شرح قصة احداث غزة للأطفال
أخيرًا وليس آخراً !
يجب أن تعلم بأنك في رحلة هذا المشروع لديك أولويتين رئسيتين:
- صناعة شخصية القائد القوية
- بناء العلاقة المتينة معه
لذلك، قبل أن تقوم بأي فعل، تخيل نتائج هذا الفعل بعد 10 سنوات على شخصيته، وعلى علاقتك معه، وهل سيكون هذا الفعل مع أم ضد تلك الأولويات. وأخيراً نقول لك إن الصبر هو وقود هذه الرحلة الطويلة والشاقة والعظيمة في نفس الوقت.
معاً نحو #بناء_أجيال_المستقبل 🎯
المصادر:
فلذاتنا
أحمد السيد
بودكاست المقهى الصوتي